انتشرت في الآونة الأخيرة في مجتمعاتنا الإسلاميّة ظاهرة عقوق الوالدين ، فترى الابن لا يحترم أباه ولا يسمع كلامه وترى البنت لا تحترم أمّها ولا تبرّها وهذه الأفعال من الآفات التي ابتليت بها مجتمعاتنا ، ففضل الوالدين على أبنائهما فضلٌ كبيرٌ عظيم يبدأ منذ حمله في بطن أمّه الى ولادته ثمّ حتّى يكبر ويبلغ أشدّه ، فتراهم يحرصون عليه في كل مراحل حياته ، فالأمّ تحافظ على جنينها فتراها تحرص أن تأكل الغذاء المناسب الذي يلبّي حاجاته وعند ولادته يسمّونه بأحبّ الأسماء ويلبسونه أحلى الثياب ويحرصون على سلامته في كل أحواله .
و قد أعطى الإسلام حقاً كبيراً للوالدين على أبنائهم ، فعدّ النّبيّ صحبة الابن لأمّه من أوجب الواجبات وجعلها مقدمةً على صحبة الأب لما لها من حقّ عليه ، فهي من حملته في بطنها تسعة أشهرٍ تحمّلت فيها المصاعب والآلام حتّى ولدته سليماً معافاً ، وقد قرن الإسلام حقّ الوالدين بعبادة الله وعدم الإشراك به ، فقد قال تعالى ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) ، وقد سؤل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم عن أكبر الكبائر فذكر الإشراك بالله وعقوق الوالدين ، وقد علمنا عظم ذنب الإشراك بالله وأنّه لا يغفر لمن يشرك بالله ويغفر ما دون ذلك من الذّنوب ، وقد نهى النّبيّ أن يسب المرء والديه ، فتعجّب الصحابة الكرام وقالوا يا رسول الله كيف يسبّ الرّجل والديه ، فقال مبيناً ذلك أنّه من سبّ امرءاً بوالديه تسبّب ذلك في أن يردّ عليه بالمقابل فيسبّ والديه ، أي أنّ السبّ والشّتم يعود على صاحبه ، وقد أمر ديننا بحسن معاشرة الوالدين عند كبرهما واللين في التّعامل معهما والصّبر عليهم بل عدّ التأفّف جزءاً من العقوق والعصيان وكلّ ذلك تأكيدٌ على مكانة الوالدين في ديننا .
و لا ريب أنّ عقوق الوالدين من كبائر الذّنوب وإنّ الاستغفار منها يكون بالرّجوع عنها والتّوبة والنّدم عليها وطلب مغفرة الوالدين ورضاهما لكي لا ينال العبد عذاب الله في الآخرة وربّما عاجله الله بعقوقه عذاباً في الدّنيا قبل الآخرة .
المقالات المتعلقة بما هي عقوبة عقوق الوالدين